هيت بلادي :
لا شك أن الدولة في لبنان تمر بأزمة مالية حادة، منذ إقرار سلسلة الرتب والرواتب التي ضرّت بشكل كبير بالمالية العامة نتيجة طريقة التمويل التي اعتمدت على الاستدانة، والأصعب في الأمر أنه وبعد الانتهاء من الانتخابات النيابية في أيار العام 2018، عاش لبنان في فراغ حكومي دام تسعة أشهر ومن بعدها وقعت حادثة قبرشمون، فالعقوبات على جمّال تراست بنك، وصولاً إلى الاحتجاجات الشعبية التي بدأت في 17 تشرين الاول الماضي؛ وهذا يعني أن الحكومة لم تقمّ بأية إصلاحات جذرية لتصحيح الوضع المالي والإقتصادي.
لا شك أن الدولة في لبنان تمر بأزمة مالية حادة، منذ إقرار سلسلة الرتب والرواتب التي ضرّت بشكل كبير بالمالية العامة نتيجة طريقة التمويل التي اعتمدت على الاستدانة، والأصعب في الأمر أنه وبعد الانتهاء من الانتخابات النيابية في أيار العام 2018، عاش لبنان في فراغ حكومي دام تسعة أشهر ومن بعدها وقعت حادثة قبرشمون، فالعقوبات على جمّال تراست بنك، وصولاً إلى الاحتجاجات الشعبية التي بدأت في 17 تشرين الاول الماضي؛ وهذا يعني أن الحكومة لم تقمّ بأية إصلاحات جذرية لتصحيح الوضع المالي والإقتصادي.
لقد وصلت الأمور إلى مرحلة أصبحت الدولة تعيش على حساب مصرف لبنان بالكامل وهو أمر غير مقبول في الأسواق المالية. ويأتي الفراغ الحكومي والصراعات السياسية لتزيد من الضغوطات على المالية العامة مما يفتح المجال أمام حالة تصفية الحسابات من بوابة الشائعات أن لبنان هو على شفير الإفلاس.
إن الإفلاس بحسب الخبير الاقتصادي البروفسور جاسم عجاقة لـ"لبنان24"، يعني وفق معايير الأسواق المالية أمرا من ثلاثة: عدم قدرة الحكومة على دفع استحقاقاتها، عدم رغبة الحكومة بدفع استحقاقاتها، وإعادة هيكلة الدين العام. وهذه النقاط الثلاث غير واردة في حالة لبنان حاليا. من هذا المنطلق يمكن القول، إن الحديث عن إفلاس للدولة اللبنانية هو أمر غير منطقي خصوصاً أن مصرف لبنان دفع في الساعات الماضية 1.58 مليار دولار أميركي استحقاقات بالدولار عن الدولة اللبنانية.
وليس بعيداً، فإن ما زاد الإعتقاد أن لبنان على شفير الإفلاس هو التقرير الذي صدر عن معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى والذي طرح سيناريو إنشاء "حكومة موالية لحزب الله" وأهم استنتاج فيه إفلاس لبنان نتيجة العزل الأميركي للبناني ليُصبح بحسب التقرير "فينزويلا الشرق الأوسط". لكن على الرغم من كل هذا، يؤكد عجاقة، أن لا إفلاس للدوّلة اللبنانية نظراً إلى أن مصرف لبنان لا يزال يتمتّع بالقدرة المالية على مساعدة الدولة.
وعليه، يمكن القول، وفق عجاقة، إن لبنان حالة خاصة تتشارك والدول التي أفلست (فنزويلا والأرجنتين واليونان) خصائص كثيرة. ولكن لبنان في الوقت نفسه بعيد عن سيناريو اليونان وأبعد عن سيناريو الأرجنتين، إلا أنه أقرب إلى سيناريو فنزويلا خصوصا أن الأميركيين وفي تقرير معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى ذكروا سيناريو العزل بشكل واضح عبر وقف المُساعدات للجيش اللبناني ومنع المساعدات الدولية وخصوصاً مساعدات مؤتمر سيدر بالإضافة إلى فرض عقوبات. وهذا الأمر بالطبع سيدفع لبنان إلى وضع مشابه لوضع فنزويلا مع فارق أساسي أن فنزويلا تنتج النفط في حين أن لبنان لم يدخل بعد نادي الدول المُنتجة للنفط.
على كل الأحوال، فإن الوضع يختصر، بحسب عجاقة، بالتالي: ما ستؤول إليه الأوضاع الاقتصادية والمالية في لبنان هو رهينة الاتفاق الدولي خصوصاً بين الجبابرة المتصارعين (أميركا، روسيا، الصين، إيران). وبالتالي إذا ما خضع لبنان لعقوبات أميركية شاملة وعزل عن الساحة الدولية، فإنه سيكون في حالة إفلاس بالإكراه نتيجة التداعيات السلبية. لكن في المقابل أية حكومة يتمّ تشكيلها يتوجب عليها الإسراع في تطبيق عدد من الإصلاحات التي لم تعد تحتمل الإنتظار.
ومع ذلك، فإن فرضية وصول لبنان إلى الإفلاس، تفرض كخطوة أولى، كما يؤكد عجاقة، طلب الحكومة اللبنانية المُساعدة من صندوق النقد الدولي الذي يقوم بفرض شروط إصلاحية لتأمين المبالغ التي يطلبها لبنان. وتتوزّع هذه الشروط على ثلاث فئات:
رفع الضرائب والرسوم بشكل يحقق توازنا في موازنة الدولة أي عجز صفر بالمئة (ضريبة على القيمة المضافة، صفيحة البنزين...).
إلغاء الدعم عن كل البضائع والسلع التي تقوم الدولة بدعمها (كهرباء، قمح، محروقات...).
خصخصة القطاع العام من خلال بيع ممتلكات الدولة الأساسية (مرافق عامة مثل المرفأ، المطار، شركات الخليوي، أوجيرو...).
عادة ما تسبب هذه الإجراءات نوعا من الغضب الشعبي الذي يتحوّل إلى مواجهات بين المواطنين وقوى الأمن ويؤدّي إلى زيادة نسبة الفقر أقله في السنوات الأولى من تطبيق هذه الإجراءات.من هذا المنطلق، يرى عجاقة، أنه من الضروري إعفاء لبنان من هذا الاتون عبر قيام الحكومة اللبنانية بتطبيق إصلاحات أقل حدة من إصلاحات صندوق النقد الدولي ومحاربة الفساد بالدرجة الأولى ودعم الصناعات والزراعات المحلية بدل فتح باب الاستيراد على مصراعيه.